Saturday, 24 November 2018

مؤتمر سلاسل الإمداد و الخدمات اللوجستية - ماذا تعلمت ؟

في أكتوبر الماضي انعقد مؤتمر سلاسل الإمداد و الخدمات اللوجستية بنسخته الثانية تحت رعاية وزارة النقل السعودية. المؤتمر استمر لمدة يومين تم فيه عرض و مناقشة أهم تطورات القطاع في المملكة بالإضافة إلى التوجهات الحديثة في القطاع عالمياً مثل التجارة الإلكترونية و الثورة الصناعية الرابعة و رقمنة القطاع. بخلاف مؤتمر العام الماضي، أتيحت لي الفرصة لحضور عروض المتحدثين و حلقات النقاش التي تمت، و زيارة أركان المشاركين بالمعرض المصاحب. في هذه التدوينة سأشارككم الأشياء الجديدة التي تعلمتها و لفتت إنتباهي بالمؤتمر.

مؤشر الأداء اللوجستي Logistics Performance Index

هذا المؤشر هو مقدم من البنك الدولي يقيس فيه مستوى الخدمات اللوجستية لدول العالم عن طريق تقييم 6 عناصر:
 - كفاءة عمليات الجمارك
 - جودة البنية التحتية للتجارة و النقل
 - سهولة تجهيز الشحنات الدولية
 - جودة و كفاءة الخدمات اللوجستية المتوفرة
 - القدرة على تتبع الشحنات
 - نسبة وصول الشحنات في الوقت المحدد

يبعث البنك الدولي بإستبيان لشركات الخدمات اللوجستية العالمية تطلب منهم تقييم كل دولة تعمل بها، و في كل سنتين يعرض البنك الدولي نتائج التقييم عبر موقعه على الإنترنت. في أخر3 تقييمات، ألمانيا حافظت على المركز الأول عالمياً في مؤشر الأداء اللوجستي. بالنسبة للمملكة فقد حُدد كأحد أهداف الرؤية تقدم ترتيب المملكة في هذا المؤشر إلى 25 عالمياً و الأول إقليمياً. بيد أن منذ إعلان الرؤية فإن ترتيب المملكة في تراجع، حيث كان ترتيبها في عام 2014 هو 49، و في 2016 هو 52، و في عام 2018 ترتيب المملكة عالمياً هو 55. فكان السؤال في مقدمة أولى حلقات النقاش في المؤتمر التي كان ضيوفها روؤساء هيئة الجمارك، و هيئة النقل العام، و هيئة الموانئ، و هيئة الطيران المدني.
و السؤال هو، لماذا ترتيب المملكة في تراجع بالرغم من التغيرات الواضحة و الملموسة في قطاع الخدمات اللوجستية مثل سرعة التخليص الجمركي، و أتمتة عمليات الفسح، و تنظيم لائحة النقل العام. فكان الجواب من شقين، الشق الأول هو أن هذا المؤشر يعتمد على أراء الشركات الشخصية و الذهنية عن طريق استبيان يقوم البنك الدولي بتجميعها و إسناد كل عنصر درجة على مقياس التقييم، وهذا لا يشترط أنه يعكس ما يقام على أرض الواقع، خصوصاً إذا لم تسوّق المملكة بشكل جيد لما قامت به من تحسينات. و أشار أحمد الحقباني رئيس هئية الجمارك إلى مقياس آخر أكثر موضوعية و يعكس واقع التطور في القطاع وهو مؤشر التجارة عبر الحدود الذي ظهر فيه تحسن ترتيب المملكة. الشق الثاني من الجواب يتمحور حول أن وقت إرسال الاستبيان لم يتزامن مع وقت تطبيق كثير من المبادرات التحسينية فبالتالي لم تنعكس على المؤشر.

التجربة السنغافورية

قدّم فردريك قومر العضو المنتدب من شركة بي تو جي للإستشارات الدولية عرضاً عن التجربة السنغافورية في قطاع الخدمات اللوجستية. سنغافورة الجزيرة الخالية من الموارد الطبيعية بدأت رحلتها في استغلال موقعها الجغرافي لتصبح مركز لوجستياً عالمياً في ستينات القرن الماضي حتى أصبح القطاع اللوجستي يمثل اليوم 7.4% من الناتج المحلي السنغافوري، لتحتل المركز الثاني آسيوياً و السابع عالمياً في مؤشر الخدمات اللوجستية. اليوم سنغافورة متصلة ب 600 ميناء حول العالم، يمر من خلالها 626 طن من البضائع سنوياً، أي ما يعادل 32 مليون حاوية 20 قدم في حين الطاقة الإستيعابية هي 50 مليون حاوية، مما يجعل سنغافورة الميناء الأزحم في العالم. حسب خطة 2021، تعمل سنغافورة على إنشاء ميناء بطاقة استيعابية بمجموع 65 مليون حاوية في موقع واحد. سأذكر هنا بعض الحقائق المذهلة التي ذكرت في العرض:

كل دقيقتين هناك حاوية تدخل أو تخرج من سنغافورة
كل دقيقة في الميناء يتم تحميل بضائع ما يعادل 25 حوت أزرق
لكل 9 من 10 بضائع تدخل سنغافورة يتم تخليصها في 8 دقائق فقط
تحتاج الشاحنة بعد تحميل الحاوية عليها إلى 25 ثانية ليصرح لها بالخروج من الميناء

الشحن الجوي

زرت ركن الخطوط السعودية للشحن في المعرض المصاحب و سأشارككم الأسئلة و الأجوبة بدون اقتباس حرفي.

كم عدد الطائرات في أسطول السعودية للشحن ؟

11 طائرة.

مع تطور حاوية الشحن البحري، خصوصاً الحاوية المبردة، هل ترى بأن الحصة السوقية للشحن الجوي في خطر بأن ينتقل كثير من العملاء إلى وسيلة أقل سعر ؟

لا أعتقد ذلك لأن الشحن الجوي مختص بمنتجات تختلف عن الشحن البحري. البضائع السريعة التلف، و البضائع ذات القيمة العالية، و البضائع المستعجلة هي ما يمثل معظم البضائع المنتقلة جواً و الشحن البحري لا يستطيع التعامل معاها. فمثلا، السعودية للشحن هي المسؤولة عن نقل الورود و الأزهار من و إلى أمستردام، خصوصاً في فترة مهرجان الورود السنوي. هذه المنتجات تحتاج إلى أن تنقل في درجات حرارة مضبوطة، و معاملة خاصة في تحميلها و تنزيلها لتجنب تلفها. 

*معلومة إضافية: ذكر عمر حريري، الرئيس التنفيذي للسعودية للشحن، بأن الشحن الجوي يمثل 1% من حجم التجارة العالمية لكن يمثل 35% من قيمتها. مما يدل على أن بضائع القيمة العالية تنقل جواً.

هل تستخدم السعودية للشحن طائرات ركاب الخطوط السعودية في شحن البضائع؟

طبعاً! خصوصاً مع تواجد ما يعرف بالطائرات ذات الجسم العريض التي تستطيع استيعاب 70% مما تستوعبه طائرات الشحن. التنسيق بين الشركتين مستمر، فمثلا لو قررت الخطوط السعودية عن تلغي خط سير رحلة ركاب لعدم جدوته، فإن السعودية للشحن تطلب منها إبقاء الخط لوجود حجم كافي من الشحن ذات عائد مادي جيد مقارنة بتكاليف سير الطائرة إلى تلك الوجهة.

Monday, 30 October 2017

عنوان الثلاث كلمات

لا تزال مشكلة الميل الأخير Last Mile Problem تشكل هاجس كبير لكثير من شركات اللوجستيات. ذكرت في تدوينة سابقة أن الميل الأخير هو مصطلح يستخدم للتعبير عن الرحلة الاخيرة أو الخطوة الأخيرة لإيصال المنتج أو الطرد إلى المستهلك الأخير. و ذكرت بأنها تشكل قرابة ٢٨٪ من إجمالي تكلفة شحن المنتج بسبب عدم كفاءتها. لذلك لجأت تلك الشركات إلى حلول مبتكرة و إبداعية لرفع كفاءتها و تخفيض تكاليفها. فظهرت تجارب و نماذج لطائرات بدون طيار لإيصال الطرود كما أعلنت عنه أمازونAmazon، أو الاعتماد على إنترنت الأشياء IoT في عمليات التخزين و النقل كتطوير دي اتش ال DHL للنظارة الذكيةVision Picking، أو عن طريق تطوير تطبيقات النقل للهواتف الذكية مثل Roadie وUBER Freight.
 
كل تقنية أو حل إبداعي مما ذكرنا سابقاً أو لم نذكر، تهدف إلى حل مشكلة من مشاكل الميل الأخير مثل سرعة التوصيل، الإزدحام أو حتى تقليل الضرر بالبيئة بسبب انبعاثات عوادم السيارات المتنقلة داخل المدن. مثال على ذلك هو التعاون بين Ford و  DHL لإنتاج مركبات كهربائية باسم StreetScooter WORK XL هدفها خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون و التقليل من التلوث الضوضائي. تحديد موقع العميل يعتبر أيضا من إحدى عقبات الميل الأخير خصوصاً في المملكة و ذلك لضعف مفهوم و البنية التحتية المطلوبة لنظام العناوين. على الرغم من وجود العنوان الوطني، إلا أن تعقيده واختصاصه بالتعاملات الحكومية و عدم ربطه بطريقة واضحة بمحركات بحث الخرائط حد من استخدامه استخدامات تجارية. فكان البديل إما بقدوم العميل لنقطة التسليم، أو بوصف الموقع بالإشارة إلى معالم بازرة عن طريق الاتصال الهاتفي، أو بمشاركة الموقع عن طريق تطبيقات التواصل. أحد هذه التطبيقات هو تطبيق الخرائط What3words.
 
What3words أو "اي الكلمات الثلاث" هو تطبيق خرائط يقوم على أساس تقسيم خريطة العالم إلى مربعات صغيرة جداً بمساحة 3م*3م و إعطاء كل مربع عنوان من ثلاث كلمات. فمثلا، لو بحثت في خريطة البرنامج عن الكلمات "بنفسج.الغد.المنصة" بالعربية أو “velocity.sometime.fails” بالإنجليزية، ستأخذك الخريطة إلى مربع صغير جداً في الواجهة البحرية بالدمام. هذا التقسيم الدقيق يتيح لمشارك العنوان تحديد موقعه بدقة عالية بهامش خطأ لا يتعدى الثلاث الأمتار، الشيء الذي لا تقدمه كثير من تطبيقات مشاركة المواقع.
 
تبنت أرامكس Aramex تقنية what3words و قامت بعمل تجربة في دبي لدراسة و تحليل كفاءة التوصيل باستخدام العنوان التقليدي في مقابل عنوان الثلاث كلمات. شكلت الشركة فريقين من سائقين في كل فريق و طلبت منهم إيصال 100 طرد إلى 100 موقع بحيث يعتمد الفريق الأول على العنوان التقليدي في حين  يستخدم الفريق الأخر عنوان الثلاث كلمات. تمكن الفريق الأول من إيصال المئة طرد خلال 7 ساعات و 49 دقيقة، و قطعوا مسافة مجموعها 255 كم و اضطروا إلى إجراء 25 مكالمة لطلب توجيهات إضافية. في المقابل، فريق what3words قام بإيصال نفس الكمية من الطرود إلى نفس العناوين في 4 ساعات و 28 دقيقة و قطعوا مسافة مجموعها 198 كم بدون الحاجة إلى إجراء إتصال واحد. هذه التقنية زادت من سرعة التوصيل بمعدل 42% في مسافة 22% أقل.
 
هذا المثال و غيره، يبين كيف أن التطور التقني أضاف الكثير إلى سلاسل الإمداد و رفع من متسوى القيمة المضافة إلى العملاء. يذكر أن تطبيق what3words متوفر ب14 لغة.
 
 
 

Wednesday, 5 July 2017

نصائح في سلسلة الإمداد لأصحاب المشاريع الصغيرة

الهدف من هذه التدوينة واضح كما هو مذكور بعنوانها. لكن قبل البدء، يجب أن نعرف ما هو المقصود بالمشاريع الصغيرة و التي تغطيها هذه التدوينة. المقصود بالمشاريع الصغيرة هو كل مؤسسة أو شركة أو حتى محل يقدم عدد بسيط من المنتجات أو الخدمات ولا يتجاوز عدد موظفيها العشرين، سواءً كان تواجدها الكترونياً أو واقعياً. بمعنى آخر، المعني هم المتاجر الإلكتورنية بمختلف منصاتها (انستقرام، تطبيقات، مواقع،..إلخ) و البِقَالات، و المغاسل ، ومحال الملابس و غيرها. بعد هذه المقدمة البسيطة، ننتقل إلى النصائح الثلاث.

1- اختر استراتيجية التشغيل المناسبة

في علم إدارة سلسلة الإمداد، يوجد مجموعة من استراتجيات التشغيل يتم تبني المناسب منها بناءً على عدد من العوامل. هذه العوامل تتضمن طبيعة المنتج، مواقع و سرعة إستجابة الموردين، و مواقع تواجد الزبائن و مدى رغبتهم في سرعة تلبية طلباتهم. معرفتك و دراستك لهذه العوامل ستساعد في اختيار الاستراتيجية المناسبة. كما يمكنك تبني أكثر من استراتيجية لكل منتج أو خدمة تقدمها. الثلاث استراتجيات هي:
  1. Make to Stock صنع للتخزين
  2. Make to Order صنع حسب الطلب
  3. Assemble to Order جُمع حسب الطلب

صنع للتخزين Make to Stock

تعتبر هذه الاستراتجية هي الاستراتيجية التقليدية في عالم التصنيع وهي مبنية على تصنيع أو طلب مجموعة من المنتجات يتم تخزينها في مستودعات والتي يُحدَّد حجمها بناءً على Demand Forecasts التنبؤ بالطلب. بمعنى آخر، باستخدام أداوت مخصصة، يستنتج بأن الطلب المتوقع للفيمتو في شهر رمضان هو 1000 قارورة، يتم تصنيعها و تخزينها إلى حين أن يأتي العميل و يشتريها. نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد بشدة على صحة أدوات التنبؤ بالمستقبل، فلو كانت غير دقيقة سينتهي الأمر إلى خسارة إما بسبب إرتفاع المخزون مع عدم وجود طلب ينتهي بإتلافه أو يباع بسعر مخفض، أو بخسارة مبيعات لنقص في المخزون. بالاعتماد على صحة و دقة التنبؤ، ينصح بتبني هذه الاستراتيجية للمنتجات الاستهلاكية اليومية، أو إذا كان المورد جغرافيا بعيد أو بطيء في تلبية طلباتك في حين يتوقع المستهلك توفرها بأسرع وقت ممكن. 

صنع حسب الطلب Make to Order

و هي استراتيجية بدء التصنيع عند استلام الطلب من العميل. بخلاف الاستراتيجية السابقة، لا يعتمد على التنبؤ لتلبية الطلبات المستقبلية والتخزين و إنما يتم تلبية الطلب حين طلبه، وبذلك يُتخلص من المخاطر المصاحبة للتخزين. هذه الاستراتيجية تكون فعالة للمنتجات و الخدمات ذات التنوع و المخصصة حسب الطلب مثل خياطة الثياب. في المقابل، تلبية الطلب تكون أبطئ مقارنة بالاستراتيجية السابقة و ذلك لما يحتاجه المورد و من ثم المصنع و المحل من وقت لتجهيز المنتج المباع.

جُمع حسب الطلب Assemble to Order

وهي استراتيجية وسط جامعة لخصائص الاستراتيجيتين السابقتين. تعتمد على تخزين المواد الأولية للمنتج و مع وصول الطلب يتم تجميعها بحسب المواصفات المطلوبة. هذه الاستراتيجية فعالة لتقديم منتجات مع لمسة تخصيص بسيطة حسب الطلب. مقارنة باستراتيجية MTO، هذه الاستراتيجية تسمح بتخصيص المنتج بشكل أقل لكنها أسرع بتلبية طلبات العملاء.

الجدول التالي يعرض أمثلة للاستراتيجيات الثلاث في قطاعين مختلفين
قطاع الملابس قطاع الطعام الاستراتيجية
محلات الملابس
مطاعم البوفيه
MTS
خياطة الثياب الرجالية
مطاعم الستيك
MTO
طباعة التيشيرتات
مطاعم الشاورما
ATO

الآن راجع مشروعك وانظر ما الاستراتيجية المناسبة بناءً على العوامل الأنفة الذكر. و كما ذكرت سابقاً، تستطيع تبني أكثر من استراتيجية لمختلف منتجاتك. فمثلاً، محل الكيك ينتج كمية من الكاب كيك لعرضها معتدماً على استراتيجية MTS كما يقوم بتجهيز كيك أعياد الميلاد و الزفاف حسب الطلب باتباع استراتيجية MTO. 

2- احرص على تخفيض تكاليف التوصيل

في تدوينة سابقة ناقشت مشكلة الميل الأخير، حين ذكرت أنها الرحلة الأقل كفاءة و الأعلى تكلفة إذا ما قارناها بكامل خط سير المنتج عبر شبكة التوزيع. ذلك يعود إلى التفرعات الكثيرة في خط التوزيع للأفراد مما يزيد من الحاجة إلى رحلات و سائقين أكثر. إذا كان مشروعك على أرض الواقع بوجود محل أو مكتب يزوره عملاءك، فإنك تفاديت هذه المشكلة. في المقابل، لو كان مشروعك يقدم خدمة التوصيل للمنازل، كالمتاجر الإلكترونية، فإنك بحاجة إلى حلول تساعد في تخفيض تكلفة التوصيل خصوصاً إن كانت تكلفة المنتج أقل من تكلفة شحنه. بمراجعة السوق في المنطقة الشرقية، فإن تكلفة الشحن تتراوح بين 20-35 ريال للمنتج باستخدام مندوب توصيل محلي، في حين استخدام شركة شحن الطرود المعروفة مثل دي اتش ال و سمسا، فإن تكلفة شحن طرد بوزن نصف كيلوجرام من الدمام إلى الرياض يتراوح بين 90-125 ريال. فلو كان سعر منتجك 15 ريال، ستكون التكلفة الإجمالية على العميل هي 35 ريال لو كان قريب منك، و 105 ريال لو كان من سكان الرياض. 
لتقليل تأثير الميل الأخير، يمكنك عقد اتفاقية مع إحدى شركات شحن الطرود التي تقدم خدمات التجارة الالكترونية و أسعار خاصة لأصحاب المؤسسات الصغيرة مثل أرامكس و سمسا. فبذلك تكون شبكة تغطيتك أوسع و بسعر أقل من سعر الأفراد. خيار آخر هو الاعتماد على منصات إلكترونية قائمة مثل سوق.كم و دكان أفكار بدلا من إنشاء موقع أو متجر مستقل، يمكنك من خلالها الاعتماد على خدمات هذه المنصات كبداية و التي تقدم خدمة إدارة المخزون و شحن المنتج نيابة عنك بمقابل نسبة من سعر بيع المنتج تتراوح بين 20-40%. أخيراً، يمكنك عرض منتجاتك في محال أو مراكز بيع بإيجار شهري لرف أو قسم من المحل ليعفيك من تكاليف إنشاء محل و تكاليف خدمة التوصيل المنزلي.

3- وسع قاعدة موردينك و احرص على وجود بديل

بداية المشروع بدون دراسة للسوق و بالاعتماد على مورد واحد يحمل العديد من المخاطر. لذا تعتبر قاعدة الموردين من أهم عناصر نجاح المشروع ما إن تم اختيارها بعناية. وجود مورد وحيد يقدم منتجات أو خدمات منخفضة الجودة، ستؤثر على سمعة مشروعك بين عملائك مما قد يؤدي إلى عدم نجاحه، بالإضافة إلى احتمالية ارتفاع التكاليف لعدم احاطتك بمتوسط سعر المنتجات أو الخدمات التي توردها. في البداية قم بدراسة السوق الذي ستبدأ به مشروعك و تعرف على الموردين المتواجدين حتى لو اضطرك الأمر بالتواصل مع منافسيك لسؤالهم عن مستوى المورد. قم بتقييم الموردين حسب السعر و الجودة و سرعة تلبية الطلبات و موقهم الجغرافي و خدمات ما بعد البيع. بعد التقييم رتب قائمة الموردين بحسب ما تراه مهم و مناسب لاستراتيجية مشروعك التي نوقشت في النصيحة الأولى. في النهاية تواصل مع المورد صاحب المركز الأول و إبدأ معه مشروعك، و في نفس الوقت تواصل مع الموردين أصحاب المركز الثاني و الثالث لتأسيس مصدر احتياطي في حال تعثر موردك الأول عن تلبية احتياجاتك لأي سببٍ كان. بالمقابل، يمكنك البدء بالموردين الأول و الثاني بتوزيع متطلباتك بينهم بالتساوي أو بنسبة 60% و 40%، بذلك تتكون لديك تجربة و علاقة معهم و بناءً عليها تستطيع إعادة تزويع نسبة العمل لما تجده مناسب و يضمن استقرار خط التوريد. أخيراً، احرص على مراقبة السوق و مراجعة قاعدة الموردين باستمرار. المتابعة الدائمة تساعدك على معرفة مستجدات سوق الموردين من خدمات و منتجات قد تقلل من تكاليفك التشغيلية و تعود على مشروعك بالنفع.

Sunday, 29 January 2017

Internet of Things (IoT) إنترنت الأشياء

خلال السنوات القليلة الماضية، طُرحت العديد من الأجهزة الإلكترونية التي تستطيع الإتصال بالإنترنت. أجهزة التلفاز و أجهزة الاستقبال (رسيفرات) و نظم الحماية المنزلية جميعها تملك خاصية الاتصال بالإنترنت و من خلالها تقوم هذه الاجهزة بإرسال و استقبال بيانات تخصها. مع إرتفاع عدد الأجهزة الإلكترونية المتصلة بالإنترنت، ولد مصطلح إنترنت الأشياء Internet of Things. إنترنت الأشياء هو عبارة عن اتصال الأجهزة الإلكترونية التي تحوي على نظم تشغيل و حساسات ببعضها عن طريق الإنترنت من أجل تجميع و مشاركات البيانات في ما بينها. هو عبارة عن التنبيه الذي يصلك في جوالك في حال إنطلاق جهاز الإنذار في منزلك. تخيل لو أن منبه العمل في جوالك يكون متصل بآلة تحضير القهوة بحيث يتم إرسال أمر لتبدأ الآلة بتحضير قهوتك بمجرد انطلاق المنبه. أو تنبهك الثلاجة بأن البيض سينفذ قريباً و عليك إحضار المزيد في طريق عودتك للمنزل. هذا الاتصال بين الأجهزة عن طريق الانترنت يقدم لك العديد من البيانات تساعدك في تحليل و تنظيم حياتك الشخصية. ذات المفهوم يمكن تطبيقه على سلاسل الإمداد من أجل رفع الكفاءة و تخفيض التكاليف بالإضافة إلى رفع مستوى خدمة العميل. 

تطبيقات IoT في عالم سلسلة الإمداد كثيرة. منها ما هو حاضر في وقتنا الحالي، و منها ما هو قادم قريباً. مثلاً، تتبع شحناتك عن طريق موقع DHL يعتبر جزء من إنترنت الأشياء. حيث يتم تحديث موقع شحنتك عن طريق إرسال بيانات من جهاز الماسح HHT و بوابات الـ RFID. و بمجرد إستلام الشحنة و التوقيع على جهاز الماسح، تتحدث بياناتها في موقع التتبع لتظهر وقت التسليم و معلومات الشخص المستلم. تتبع حركة الشحنات ليست مهمة فقط للعميل، بل هي من اهتمامات الشركات اللوجستية خصوصاً عند نقل مواد حساسة. في الوقت الحالي، الكثير من شركات الدعم اللوجستي أضافات حساسات في شاحناتها ترسل معلومات عن الوضع المحيط بالشحنة مثل سرعة تحرك الشاحنة، موقع الشاحنة، درجة الحرارة، هل أبواب الشاحنة محكمة الإغلاق و غيرها. فمثلا، عند نقل الأدوية الطبية أو الأغذية، يجب أن تكون الشحنة محفوظة في درجة حرارة معينة لضمان عدم تلفها. و بالاستعانة بهذه الحساسات، تتمكن شركة الدعم اللوجستي من معرفة إذا ما كانت الشحنة معرضة للتلف بسبب تغير درجة الحرارة المحيطة بظهر الشاحنة و بناء على ذلك يتم تنبيه السائق والمستلم النهائي و إتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على المواد المنقولة. من جهة أخرى، يستفاد من تطبيقات إنترنت الأشياء في الحفاظ على ثبات عرض المنتج خصوصاً المنتجات عالية الطلب. فبإضافة حساسات و قارئات RFID في المخازن و مراكز التوزيع، يمكن معرفة كمية المخزون المتوفرة و ربطها بنظام الشراء الآلي، بحيث يتم إرسال طلب شراء جديد عند نزول المخزون لمستوى معين فبذلك يتم الحفاظ على مستوى العرض في ظل التغيرات المفاجأة في مستوى الطلب.

إنترنت الأشياء تقدم فرصة عظيمة في رفع كفاءة العمليات اللوجستية مؤدية إلى خفض التكاليف و رفع إنتاجية الشاحنة. نظام Telematics هو نظام اعتمدته العديد من شركات الدعم اللوجستي في إسطولها يقوم بإرسال بيانات جميع الشاحنات المتحركة إلى قاعدة بيانات. البيانات المرسلة تشمل، سرعة الشاحنة، موقعها، مرات توقف الشاحنة، مرات فتح أبواب الشاحنة، ربط حزام الأمان، المسافة المقطوعة، كمية استهلاك الوقود و غيرها. يتم تحليل هذه البيانات من أجل إيجاد فرص لرفع الإنتاجية عن طريق تقليل وقت التوصيل و لو بثواني قليلة. UPS اعتمدت على التقنية لتحقيق ذلك، ومن خلال تحليلها للبيانات المرسلة من إسطولها المنتشر في الولايات المتحدة، تمكنت من رفع إنتاجية مركباتها. فمثلا، لاحظ فريق تحليل البيانات في UPS أن فتح و إغلاق باب الشاحنة، و عملية تشغيل المحرك تستغرق وقت لا يضيف قيمة لها. فقامت الشركة بإستبدال أبواب الشاحنة بأبواب تفتح و تغلق تلقائياً، كما استبدلت مفتاح الشاحنة بزر تشغيل. أثر هذه التغييرات البسيطة يتضح أكثر عند مقارنة الوقت المحفوظ على مستوى الأسطول كامل خلال عام كامل. يذكر أحد سائقي UPS عند إنضمامه للشركة أن معدل نقاط التوصيل الذي يزورها خلال يوم عمل يتراوح بين 80-90 نقطة، ولكن بعد تحليل البيانات القائم في الشركة و التغيرات المصحوبة، ارتفع المعدل إلى 130 نقطة توصيل في اليوم. 

و في مجال السلامة، فإن للـ IoT حضور أيضاً. بالاعتماد على التقنية و للحفاظ على سلامة مركباتها وما يحيط بها، تنبه UPS سائقيها بتقليل مرات تراجع الشاحنة "الريوس" و لذلك بسبب حجم المركبة و كثرة النقاط العمياء حولها. من جهة أخرى، تم توقيع شراكة استراتيجية بين Fujitsu و DHL Supply Chain UK لتطوير حلول تعتمد على تقنية إنترنت الأشياء و الـ Wearable technology لرفع مستوى السلامة خلال عمليات خدمات الطوارئ. تهدف التقنية إلى تحديد موقع العمال و صحتهم خلال عمليات الطوارئ بالإضافة إلى التأكد من سرعة التعامل مع الأحداث الخطيرة و تحديد مواقع معدات الوقاية.

في الختام، من الواضح أن تقنية إنترنت الأشياء سيكون لها تأثير قوي و جلي على سلاسل الإمداد في عدة مجالات سواء الإنتاجية و التشغيلية و السلامة. و مع التقدم في عالم التقنية و الاعتماد على العنصر البشري، سيشكل الثنائي قوة محركة و مغيرة لسلاسل الإمداد العالمية. فالشركات التي لا تستطيع سلاسل إمدادها مواكبة التغيرات السريعة، سيكون مصيرها الفشل.


مصادر
NPR Planet Money - The Future of work looks like a UPS truck

Fujitsu Collaborates with DHL to Disrupt the Logistics Market with Innovative Technology




Sunday, 4 December 2016

سنتيمتر واحد - أثر تصميم المنتج على كفاءة سلاسل الإمداد

مع طرح فكرة منتج جديد و خلال مرحلة تصميمه، يُدرج تصميم المغلف كجزء رئيسي من الشكل النهائي للمنتج. التغليف هي عملية تأمين للمنتج النهائي وحمايته خلال توزيعه و تخزينه و بيعه للمستهلك. بالإضافة إلى الحماية، يستفاد من تغليف المنتجات في تسويقها. فترى المغلف يعرض العلامة التجارية، عبارات رنانة، محتويات المنتج، و أي عروض تسويقية كالخصومات و زيادة سعة العبوة. لكن خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت تدرك الشركات أهمية التغليف في زيادة كفاءة سلاسل إمدادها و إنخفاض تكاليفها. في السابق، كانت الشركات تتجاهل عواقب التصميم النهائي للمنتج على عمليات شحنه و تكاليفها. فلا يؤخذ بالاعتبار وضع قيود على قياسات المنتج بحيث لا تتعدى حجماً معيناً. و بما أن الهدف الرئيس من التغليف هو حماية المنتج، يعتمد فريق التصميم غلاف سميك و أكبر من المنتج خلق مشكلة في عالم إدارة سلسلة الإمداد تعرف باسم "نقل الهواء"Shipping Air .


مشكلة نقل الهواء مصطلح يستخدم للتعبير حمولة تحتوي على مساحة غير مستخدمة بسبب تصميم المنتج المنقول. إما أن يكون المنتج نفسه مغلف في طرد أكبر من حجمه فيوضع معه فقاعات هوائية لحمايته. أو مجموع حجم الطرود لا يغطي المساحة الإجمالية للشاحنة و بنفس الوقت لا يمكن إضافة طرود بنفس الحجم. أما الأولى، تحدث كثيرا عند طلبك من مواقع التسوق الإلكتروني مثل أمازون. فمثلا، عند طلبك خاتم أو حلق من أمازون، يكون المنتج في غلافه الأصلي الصغير فتقوم أمازون بتغليفه بطردها المحتوي على علامتها التجارية الذي في الغالب هو أكبر من صندوق الخاتم أو الحلق بأضعاف. بسبب طريقة التغليف، أصبح المنتج لا يمثل سوى ١٠-٣٠٪ من إجمالي حجم الطرد في حين ٧٠-٩٠٪ هي فراغ أو هواء لا تضيف لشركة الشحن ولا المستهلك أي قيمة إضافية بل تكون مكلفة بسبب الحجم الزائد. أما بالنسبة للحالة الثانية من نقل الهواء، تخيل مصنع ينتج مناديل تغلف في كرتون مقاساته ٥٠*٤٥سم يتم نقلها باستخدام طبلية Pallet مقاسها ١٢٠*١٢٠سم. و بافتراض تحميل الكراتين سيكون على مستوى واحد بدون تكديسها فوق بعضها، ستغطي كراتين المناديل ما يعادل تقريبا ٦٣٪ من إجمالي مساحة الطبلية فقط (انظر الرسم في الأسفل و عذرا على ضعف الجودة) بينما المساحة الخضراء فهي مساحة غير مستفاد منها تعبر عن مشكلة نقل الهواء. شاحنة النقل من نوع ٤٠ قدم (تريلة) تستطيع تحميل ١٨ طبلية، و بما أن مساحة تغطية الطبلية هي ٦٣٪ فإن حمولة الشاحنة تقريبا تعادل ١١ طبلية فقط بينما في الواقع تحتوي على ١٨ طبلية ذات كفاءة قليلة. بسبب هذا التصميم، يحتاج المسؤول عن الحركة اللوجستية  إلى عدد رحلات نقل أكثر لإيصال إنتاج المصنع، رحلات أكثر تعني تكاليف أعلى، أضرار بيئية أكبر و إحتمالية وقوع حوادث أكبر.




في أمريكا الشمالية، تنقل تويوتا ٧٥٪ من إنتاجها للسيارات باستخدام قطار شحن البضائع محملة على نوعين من العربات. النوع الأول هي عربة ذات المستويين تستخدم في نقل السيارات الكبيرة مثل التاندرا و اللاندكروزر و حمولتها ١٠ سيارات. أما النوع الثاني فهي عربة ذات الثلاث مستويات و تستخدم لكل سيارات تويوتا الصغيرة و حمولتها ١٥ سيارة. في أحد معامل تويوتا في أمريكا حدث تغيير في إحدى موديلات السيارات مما نتج عن ارتفاع طول السيارة إنشات قليلة. بسبب هذا التغيير، أصبح ارتفاع السيارة إنش واحد اعلى من الطول المسموح لنقل السيارات بعربة الشحن ذات الثلاث مستويات مما إضطر المعمل إلى استخدام العربة ذات المستويين مؤدية إلى ارتفاع تكاليف النقل. في المقابل، بحسب شركة Adalis Packaging Solutions، بتغير ١.٥ إنش في تغليف منتجاتها، تمكنت شركة تعمل في قطاع الاتصالات من زيادة عدد الطرود المحملة على الطبلية من ١٢٠ إلى ٣٠٠ طرد رافعة بذلك كفاءة الطبلية بالإضافة إلى تخفيض تكاليف النقل لقلة عدد الرحلات (إنظر الصورة في الأسفل).




من الواضح أن تغيراً بسيطاً في تصميم المنتج ممكن أن يكلف الشركة أو يقلل من تكاليفها. لذا ينبغي على الشركات مراجعة منتجاتها و دراسة الطريقة المثلى لنقلها من أجل رفع كفاءة سلسلة الإمداد. 

Saturday, 5 November 2016

كريم بإمكانها حل مشكلة لوجستية

بما أن سلاسل الإمداد تُستخدم كعنصر رئيسي في التنافس في العديد من الصناعات، تواصل الشركات إبداعاتها في تخفيض التكاليف المرتبطة بسلاسلها لتقوية وضعها التنافسي في السوق. حتى لو اضطرها ذلك إلى التعاون مع منافسيها. فمثلاً، خلال مواسم الأعياد في أمريكا، ترتفع كمية الطرود المتنقلة بين البائعين و المستهلكين، مما يضطر شركات حلول سلاسل الإمداد مثل FedEx و UPS إلى توظيف عاملين بعقود مؤقتة و استئجار مستودعات تستخدم كمراكز توزيع إضافية. و لتخفيض تكلفة هذه المستودعات، نرى شركات حلول سلاسل الإمداد تشترك في المبنى و تشترك في الإيجار. مثال آخر هو تعاون شركات الطيران و دخولها في اتحادات ضخمة تستفيد من خلالها في زيادة تغطيتها لمدن العالم و مشاركة الخدمات المساندة و التموين. في هذا المقال نستعرض كيف يمكن لشركة الأجرة كريم أو حتى Uber خدمة شركات حلول سلاسل الإمداد. 

إحدى أكبر تحديات شركات اللوجستيات و سلاسل الإمداد هي مشكلة الميل الأخير Last Mile Problem. مصطلح مشكلة الميل الأخير كان يستخدم في قطاع الاتصالات للتعبير عن صعوبة تمديد كيابل الاتصالات من النقطة المركزية لمحول الاتصالات إلى جميع منازل الحي. استعير هذا المصطلح في قطاع سلاسل الإمداد ليعبر عن آخر رحلة للطرد قبل وصوله لنقطته النهائية ألا و هي المستهلك. بحسب عدة تقارير، الميل الأخير من الرحلة يكلف ما يعادل ٢٨٪ من إجمالي تكلفة التوصيل كما يعتبر هذا الجزء الأقل كفاءة مقارنة ببقية السلسلة. ما يسبب قلة الكفاءة و ارتفاع التكلفة هو إطلاق رحلات كثيرة و الاعتماد على العديد من المركبات الصغيرة التي لا تكون ممتلئة بالكامل لإيصال طرود في مناطق مزدحمة سكانياً ترفع من معدل استهلاك الوقود. أضف إلى ذلك تكاليف إعادة التوصيل في حال تعثر الوصول الى المستهلك. بالمقارنة، تنتقل الطرود خلال سلسلة الإمداد قبل رحلة الميل الأخير مجمعة في رحلات أقل و على مركبات ثقيلة ممتلئة بين مراكز التوزيع و المستودعات بكفاءة عالية. 

في السعودية، تتجاوز شركة اللوجستيات مشكلة الميل الأخير عن طريق إنشاء العديد من مراكز التسليم يقصدها المستهلك لاستلام طرده. لكن أوقات عمل هذه المراكز قد لا تتناسب مع جدول المستهلك و كما أنها متعبة له حيث تضطره لأن يقصدها و يقف بطابور الانتظار بدلاً من أن تصله إلى بيته بلا جهد. لذا، من أجل تقديم خدمات أفضل لعملائها مع الحرص على تخفيض تكاليفها، يمكن لشركات اللوجستيات و حلول سلاسل الإمداد الاستعانة بمصدر خارجي يهتم بتنفيذ رحلة الميل الأخير للطرود بتكلفة أقل كشركة الأجرة كريم. مع انتشار سائقو كريم و ارتفاع أعدادهم في الفترة الاخيرة، تتوفر لشركات اللوجستيات و حلول سلاسل الإمداد فرص و خيارات عديدة لخدمة العميل. يمكن مثلاً لـDHL طلب سيارة كريم قريبة من مركز التوزيع لإيصال شحنة إلى منزل المستهلك بقيمة تقل عما يكلّفها لو قامت بالرحلة بنفسها. بإبرام اتفاقيات تعاون، تستفيد شركة اللوجستيات و حلول سلاسل الإمداد من انخفاض تكاليف الميل الأخير و تقديم خدمة مميزة للعميل بوصول شحنته إلى بيته. في حين تكمن الفائدة لكريم في الدخول في سوق إضافي يدر إيرادات إضافية بنفس الموارد المتوفرة حالياً من سائقين مسجلين لديها. 

من جهة أخرى، كما أن لمثل هذا التعاون فوائد، فإنه لا يخلوا من المخاطر. يُعتبر السائق في هذه الحالة هو وجه شركة حلول سلاسل الإمداد حتى لو لم يكن ينتمي لها. فأي تصرف سلبي منه تجاه المستهلك أو ظهوره بمنظر غير لائق سيكون له تأثيره السلبي على صورتها. و لا يمكن تجاهل تكاليف تضرر الطرود و سرقتها خلال نقلها من قبل السائق. في المقابل، قد يصاب السائق خلال تنزيل أو تحميل الطرود إلى سيارته بسبب ثقلها بدون تحذيرات واضحة. هذه و غيرها من الحوادث التي قد تخلق نقاط خلاف بين الطرفين أو تسبب في تكاليف إضافية لابد أن تُناقش و تحدد مسؤوليات كل طرف في حال حدوث أي منها. 

Friday, 14 October 2016

هل فعلا الشراء من أمازون أرخص ؟

مع انطلاقة العديد من الشركات التي تقدم خدمات بريدية عالمية كشركة أرامكس و WS1 و البريد السعودي بخدمة واصل عالمي، شاع بين المستهلكين التبضع الكترونياً من متاجر عالمية بعلة رخصها عن ما هو متوفر في السوق المحلي. فتسمع أحدهم يتفاخر بشراء جهاز إلكتروني ب ١٩٩٩ ريال من أمازون في حين سعره في مكتبة الفرزدق هو ٢٤٩٩ ريال. هل فعلاً أمازون أرخص؟ أو بالأحرى هل التبضع من المواقع العالمية يوفر على المستهلك مبالغ مجدية؟ الإجابة في بعض الأحيان نعم و في أحيانٍ اخرى لا. فهي تعتمد على القرارات الشرائية التي يتخذها المستهلك خلال العملية الشرائية بالإضافة إلى عوامل أخرى كالزمن و الجودة.

المشتريات تلعب دوراً مهماً في سلاسل الإمداد فهي الحلقة المسؤولة عن توفير متطلبات السلسلة من مواد بأسعار تنافسية و جودة عالية من السوق. تبدأ إدارة المشتريات عملياتها بالبحث عن موردين يقدمون المواد المطلوبة بحسب المواصفات التي حددتها إدارة التصنيع. بعدما يحدد مسؤول المشتريات الموردين المحتملين، يرسل لهم مستند طلب تسعيرة Request for Quotation (RFQ) يعرض فيه مواصفات المواد المطلوبة و الشروط و الأحكام المطبقة على هذه العملية الشرائية و يطلب منهم تقديم تسعيراتهم خلال فترة زمنية معينة. بعدها، يقدم كل مورد نسختين من عرضه. الأولى موجهة لمسؤول المشتريات و تحتوي على التفاصيل التجارية للمنتج كالسعر و مدة التصنيع و الضمان و خدمات ما بعد البيع. أما النسخة الثانية تحتوي على التفاصيل الفنية و التقنية للمنتج ترسل إلى إدارة التصنيع لتقييمها والتأكد من تطابقها مع متطلباتهم. و هذه النسخة لا تحتوي على الأسعار. يُقيّم مسؤول إدارة التصنيع جميع العروض المقدمة فنياً و تقنياً و يخبر مسؤول المشتريات بقائمة الموردين المؤهلين ليبدأ عملية التقييم التجاري. في هذه الخطوة تتخذ كل القرارات الشرائية التي تحدد الفائز بالمناقصة. يأخذ مسؤول المشتريات بالاعتبار الأسعار المقدمة من الجميع بالإضافة إلى مدة الضمان، خدمات ما بعد البيع، مدة التصنيع و التوصيل، و مراجعة تقييم المورد في التعاملات السابقة. يعتمد على هذه العوامل في التقييم التجاري للعروض و بناء على النتيجة يتوج أحد الموردين بطلب الشراء. فمثلاً، خلال عملية شراء ١٠٠٠ جهاز جوال، طلبت شركة أ من مورديها تقديم تسعيراتهم. العرض المقدم من جرير هو ٢ مليون ريال كسعر بضمان سنتين و ينفذ الطلب خلال شهر. العرض المقدم من الحاسوبات العربية هو ٢,٥ مليون ريال بضمان ٣ سنوات و ينفذ الطلب خلال اسبوع مع توصيل البضاعة إلى مراكز الاستلام في الشركة. قد يكون عرض جرير مغري خصوصاً أنه أرخص بنصف مليون ريال لكن مدة تنفيذ الطلب طويلة جدا لا تتناسب مع موعد الحفل المقرر عقده خلال اسبوعين لتوزيع الأجهزة على الموظفين. بالإضافة، عرض جرير لا يشتمل على خدمات نقل الأجهزة إلى مراكز الاستلام فهذه تكلفة إضافية على الشركة تحملها. أو عُرف مثلا جرير بالتأخر في تنفيذ طلباته في التعاملات السابقة. لذا بعد التقييم يرى مسؤول المشتريات بأن عرض الحاسوبات العربية هو الأفضل لتلبية متطلبات الشركة. ما يبحث عنه مسؤول المشتريات هو إيجاد القيمة المضافة لسلسلة الإمداد بشكل كامل و لو اضطره ذلك إلى اختيار من هو أعلى سعراً.

في المثال المذكور في بداية المقالة، ينخدع الكثير بالسعر المعروض في أمازون بأنه أرخص من سعر المنتج في الأسواق المحلية. لكن لو عدنا خطوة إلى الخلف و أخذنا نظرة أوسع نستطيع إيجاد تكاليف مخفية أو متجاهلة من المشتري تجعل تكلفة المنتج مقاربة لتكلفته محلياً. فمثلا، عند دفعك لمشترياتك يُخيرك أمازون في الدفع بين عملتين، عملة البطاقة الائتمانية (الريال السعودي) و عملة المنتج (الدولار الامريكي). عند اختيارك الريال السعودي، يحتسب الموقع سعر الصرف ٣.٩٣ ريال للدولار. فلو كانت قيمة المنتج ١٠٠ دولار و قررت الدفع بعملة البطاقة الائتمانية، فتكلفته الفعلية هي ٣٩٣ ريال ليس ٣٧٥ ريال. في الواقع، حتى إن دفعت بعملة المنتج فإن البطاقات الائتمانية يتراوح سعر الصرف فيه بين ٣.٨٠ و ٣.٨٥ ريال. أي أن القيمة الفعلية هي ٣٨٥ ريال. أضف إلى ذلك الضرائب المفروضة حسب كل ولاية، تكلفة شحنها من المصدر إلى بريدك الوهمي في أمريكا، و تكلفة شحنها من أمريكا إليك. كل هذا قد يجعل الفرق في التكلفة بين المواقع الإلكترونية و السوق المحلي ضئيل جداً بل في بعض الأحيان تساويه أو تتخطاه. كما يُتجاهل في العادة حاجة المشتري إلى الانتظار بين ٥ إلى ١٤ يوم للحصول على المنتج في حين يمكن الحصول عليه فوراً محلياً. لذا يتوجب على المشتري قبل القيام بأي عملية شرائية مهمة أن يفهم متطلباته و أولويته أولاً و يدرس التكاليف جيداً ثانياً. في الأخير، قرارات المشتري و معاينته لكل التكاليف بالإضافة إلى المتطلبات التي تغطيها العملية الشرائية هي التي تحدد إن كانت عملياته الشرائية قيّمة أم لا.