Saturday, 6 August 2016

رؤية السعودية ٢٠٣٠ و أثرها على سلاسل الإمداد العالمية

في تاريخ ٢٥ أبريل ٢٠١٦ أعلن ولي ولي العهد السعودي و رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية و التنمية الامير محمد بن سلمان عن رؤية السعودية ٢٠٣٠. تهدف هذه الرؤية إلى النهوض بالمجتمع السعودي من خلال جعله مجتمع حيوي في خلق موارد بشريه فاعلة و مجتمع صحي و مُرفّه و محافظ على مستوى معيشي عالي. كما أنها تهدف الى تقوية و ازدهار الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط. و اخيراً وطن طموح حكومته فاعلة و مواطنه مسؤول. ترتكز الرؤية على ثلاث عوامل قوى تمتلكها المملكة وهي كما وصفها محمد بن سلمان المرتكزات التي تساعد في تحقيق الرؤية. أولاً، قوة المملكة تكمن في عمقها العربي و الاسلامي المرتبط بوجود الحرمين الشريفين. ثانياً، القوة الاستثمارية الرائدة سواءً في القطاع الخاص أو الحكومي، و أخيراً، الموقع الجغرافي الرابط بين ٣ قارات.

السؤال هو، كيف لرؤية ٢٠٣٠ أن تأثر على سلاسل الإمداد العالمية. التركيز في هذه التدوينة هو على عامل الموقع الجغرافي غير المستغل. تصف الرؤية بأن الموقع الاستراتيجي للمملكة بأنه يقع على أهم خطوط النقل التجارية التي تربط بين آسيا و أوروبا و أفريقيا و تطمح إلى زيادة مكاسبها الإقتصادية من ذلك. أحد اهم هذه الخطوط هو الخط المار بالبحر الاحمر خلال قناة السويس الى البحر الابيض المتوسط وهو معبر اغلب السفن بين شرق آسيا و أوروبا. كما أن المملكة تطمح بأن تكون منصة لوجستية عالمية من شأنها ضمان التدفق التجاري و البشري عن طريق النقل الجوي و البحري، لذا تم الاستثمار في البنية التحتية اللوجستية  بإنشاء مطارات و موانئ و سكك حديدية و فتح المجال للاستثمار الخارجي و المحلي لتطوير هذه المنصة. و تعتمد الرؤية على علاقات المملكة بإقليمها الخليجي و العربي و الاسلامي للتوصّل الى اتفاقات و تعاونات مشتركة تسهم في تسهيل حركة البضائع و التدفق البشري و رؤوس الاموال بالإضافة إلى تطوير خدمات لوجستية عابرة للحدود كما في مشروع السكة الحديدية الخليجي و جسر الملك سلمان الموصل الى مصر ومنها الى أفريقيا.

كل هذا ومع فتح الباب إلى الاستثمار الخارجي و البطاقة الخضراء و القرب من مصادر الطاقة، تمثل محفزات متوقعة كافية لجذب الشركات العالمية لنقل جزء من أعمالها إلى المملكة. قد تقرر شركات فتح مصانع لها في المملكة لتلبية احتياجات المنطقة و العالم خصوصا في قطاعي تقنية المعلومات و التعدين المستهدفان في الرؤية. شركات اخرى ممكن أن تنشئ مراكز توزيع كبرىDistribution Centers يتم فيها تخزين منتجاتها لتلبي حاجات الإقليم. كما أن هنالك فرص لشركات النقل البحري بإتخاذ مقرات رئيسية لها في موانئ السعودية لتكون المنطلق الرئيسي لسفنها إلى أوروبا و آسيا و أفريقيا. فمثلا، لشحن حاويات محملة بالبضائع من شرق آسيا إلى غرب أوروبا و شمال أفريقيا. تنطلق باخرة من الصين الى ميناء جدة يتم فيه توزيع الحاويات الى باخرة اخرى تنطلق إلى أوروبا و تنقل باقي الحاويات براً من خلال الجسر البري بين السعودية ومصر إلى ليبيا. من خلال تطوير منصتها اللوجسيتة و مع تحول سلاسل الإمداد إليها، تستطيع السعودية رفع مكاسبها عن طريق حوكمة تحرك البضائع و تطوير نظام جمركي فعال. إذا استطاعت المملكة أن تجذب المستثمرين و العاملين في مجالات الخدمات اللوجستية سيكون مدخولها عالي جدا خصوصاً اذا ما علمنا أن ثاني أعلى خط تجاري بحسب إحصائيات مجلس الشحن العالمي للعام 2013 هو خط آسيا إلى شمال أوروبا الذي يمر من خلال البحر الأحمر عبر بوابتي باب المندب و قناة السويس.

لكن الاحتباس الحراري Global Warming قد يقف حجر عثرة في طريق تحقيق الرؤية. بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف ومع انخفاض مستويات الجليد في القطب الشمالي، فتحت مسارات بحرية في القطب مكنت السفن من الإبحار من آسيا إلى شمال أوروبا و العكس في طريق يشكل ثلث المسافة المقطوعة بالطريق التقليدي من خلال قناة السويس. مسافة اقل، يعني استهلاك أقل للوقود يعني تكاليف أقل. كما أن شركات السفن تعتقد أن الخط الجديد قد يوفر  في تكاليفها ما بين 180-300 الف يورو في كل رحلة (750 الف - 1.25 مليون ريال). ففي عام 2030 قد يتطور هذا الخط التجاري ليصبح جاذباً  ومنافساً للخط التقليدي مما يجعل تدفق البضائع يبتعد بعيداً عن المملكة مقللاً مستوى المكاسب المتوقعة.

No comments:

Post a Comment