Friday, 12 August 2016

٣ تقنيات ستغير سلاسل الإمداد بشكل جذري

مع تطور التقنية في الألفية الثالثة و سرعة تغير الأسواق، تواجه الشركات تحديات كبرى في تلبية احتياجات زبائنهم. تلجأ كثير من الشركات إلى جعل سلاسل إمدادها ديناميكية لتستطيع مواكبة هذه التغيرات و للمحافظة على مركزها في السوق و تقوية تنافسيتها. أحد أهم العوامل التي تساعدها على تحقيق ذلك هو اعتمادها الكبير على التقنية في زيادة كفاءة العلميات في حلقات سلسلتها الإمدادية. هذه التدوينة ستطرح ثلاث تقنيات حديثة قيد الدراسة في بعض الصناعات و طبقت في صناعات اخرى. كل تقنية تستهدف حلقة معينة إما التصنيع أو اللوجستيات لتلبية مختلف المتطلبات السوقية. لنبدأ فيها الآن:



١- الطائرة بدون طيار Drone



منذ نشأتها، تم استخدام الطائرة بدون طيار Unmanned Aerial Vehicle (UAV) او كما تعرف ب Drone في الكثير من المجالات. استخدمت عسكرياً للتجسس و الهجوم الصاروخي، و استخدمت زراعياً لتلقيح المحاصيل الزراعية في الحقول الكبيرة. كما أنها ظهرت في السوق الترفيهي للأفراد و التصوير الجوي في الإنتاجات الإعلامية كما في فقرة سؤال الشارع من برنامج سوار شعيب الشهير. أما في مجال سلسلة الإمداد، تقوم العديد من الشركات في دراسة استخدامها في العمليات اللوجستية لتصبح أحد وسائل النقل مثل الشاحنات و الطائرات و البواخر و القطارات. إحدى الشركات التي تدرس استخدام هذا النوع من الطائرات هي الموقع الإلكتروني الشهير أمازون .Amazon أعلنت شركة أمازون عن بدأ برنامجها التجريبي Amazon Prime Air لاستخدام الطائرة بدون طيار في إيصال مشتريات زبائنها في عدد من الدول منها بريطانيا و أمريكا و النمسا. هذه الخدمة المستقبلية ستمكن أمازون من شحن مشتريات يصل وزنها قرابة ٢ كغ لمسافة أكثر من ١٥ كم لتصل المستهلك في نصف ساعة أو أقل. ستقلع هذه الطائرة على ارتفاع ٤٠٠ قدم لتكون بعيدة عن أنظار البشر و بعيدة عن حواجز تعترض طريقها مؤمنةً الحماية للشحنة. أمازون لم تعلن عن تاريخ إطلاق هذه الخدمة و أن ذلك يعتمد على قوانين الطيران العالمية. ما إن تتحقق هذه الخدمة، سيكون بإمكان المتسوق الحصول على احتياجاته بسرعة لا سيما في حالات الطوارئ. و لتتمكن أمازون من توسيع نطاق خدمتها الجديدة، فإنها ستحتاج إلى إعادة هيكلة سلسلة إمدادها لتعتمد على مراكز توزيع أصغر أقرب لزبائنها بدلاً من مراكز توزيعها المركزية العملاقة. و هذا مقطع فيديو يوضح الخدمة.





استخدام آخر للطائرة بدون طيار في سلسلة الإمداد حدث في حلقة التخزين. تمتلك كثير من الشركات مستودعات كبيرة جداً يتم تخزين فيها المواد الأولية للتصنيع أو منتجات مصنعة جاهزة للبيع لكنها تواجه الكثير من المشاكل في تحديد مواقع المواد المراد نقلها بسبب حجم مستودعاتها. و بالرغم من اعتمادها على تقنية Radio Frequency  Identification (RFID)  للتعرف على المواد، إلا أن موظفيها لازالوا يواجهون تحديا في تحديد موقع الغرض من بين الآلاف من الأغراض المخزنة. لذا تم الاعتماد على الطائرة بدون طيار في تحديد الموقع بشكل دقيق جداً عن طريق إرفاق قارئ ملصقات RFID بالطائرة لتحلق فوق المستودع بحثاً عن المواد المنشودة. تم تجربة هذه التقنية في إحدى مستودعات شركة Age Steel الإماراتية. تقوم الشركة بتخزين مواد بناء حديدية في مستودعات مكشوفة ضخمة. عانت الشركة في تحديد مواقع مخزونها إلى درجة أنها تضطر في بعض الأحيان إلى إعادة شراء مواد فُقدت في الساحة الضخمة. بالإضافة إلى معاناة موظفيها في العمل تحت درجات حرارة عالية بين ممرات المستودع المكشوف. قامت الشركة بتجربة تقنية ال UAV مع الRFID  في تحديد المواقع و عمليات الجرد من خلال وضع ملصقات RFID على ١٠٠٠ منتج من ٢٠٠٠ منتج تم اختيارهم للقيام بالتجربة. خلال شهر من التجربة، فُقد ٣٠٠ منتج من المنتجات التي لا تحتوي على ملصق في حين المنتجات ذوات الملصقات لم يفقد منها شيء. كما أن دقة تحديد مواقع المواد باستخدام الطائرة إرتفعت إلى ٩٨,٢٪. بناءً على هذه التجربة، قررت الشركة تعميم هذه التقنية على مستودعاتها الثلاث في الإمارات و مستودع السعودية.



٢- الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D Printing



Additive Manufacturing  أو المعروف بالطباعة ثلاثية الأبعاد 3D Printing  هي تقنية في التصنيع تقوم بإنتاج مجسم عن طريق إضافة طبقة تلوى الأخرى حتى ينتج شكل ثلاثي الأبعاد. استخدمت هذه التقنية في الطب لطباعة أطراف صناعية. كما أنها استخدمت في الأبحاث و التطوير لطباعة نماذج بدائية لمنتجات جديدة قد تطرح في السوق بالإضافة للاستخدامات الشخصية عند بعض الفنانين و هواة التصميم و الإبداع. أما بالنسبة لسلاسل الإمداد فإن الطباعة ثلاثية الأبعاد تقدم فرص للمصانع بتغيير علمية الإنتاج بشكل سريع لمواكبة متغيرات الأسواق. فبدلا من إنتاج كميات كبيرة من منتجات استهلاكية ليتم تخزينها في مستودعات في إنتظار مستهلك يقوم بطلبها مما قد يؤدي بها الى التلاف أو بأن ينتهي عمرها الافتراضي قبل بيعها ، تستطيع المصانع أن تعيد هيكلة خط إنتاجها بحيث تقوم بتخزين المواد الأولية للمنتج وتبدأ التصنيع فقط عند وصول طلب من المستهلك. النظام الأول يعرف بنظام الدفع Push  System  و النظام الثاني يعرف بنظام السحب Pull System. كما تتيح الطباعة ثلاثية الأبعاد المجال للمصانع بإنتاج بضائع صممت حسب الطلب بسهولة و بدون تكاليف إضافية. فمثلاً يستطيع شخصان طلب من مصنع للهواتف الذكية جهازين iPhone بحيث يكون زر التشغيل لأحدهم في جانب الهاتف الأيمن لأن المستخدم أعسر في حين يود الأخر أن يكون زر البصمة في خلف الهاتف حيث يضع سبابته حيث أن جميع أجزاء الهاتف الداخلية متطابقة في ما عدا الهيكل الخارجي للهاتفين. باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد يتمكن المصنع من تلبية الطلبية بكل سهولة عن طريق تجميع الهاتفين في خط تجميع واحد حتى يصلا إلى خطوة تركيب الهيكل الخارجي، تقوم حينها الطابعة بطباعة كل هيكل بحسب طلب المستهلك. و كما ذكرت عن تقنية الطائرة بدون طيار و مراكز التوزيع الصغرى، فإن الشركات و بالاستفادة من هذه التقنية تستطيع أن تقوم بإعادة هيكلة عملية التصنيع بحيث تمتلك مصنع كبير و مركزي يقوم بتجميع قطع المواد الأولية لإنتاج منتج جزيء Semi-Product تنقل إلى مصانع أصغر إقليمية تتشكل من طابعات ثلاثية الأبعاد ضخمة تقوم بتجهيز المنتج النهائي حين يطلبه المستهلك. ومع تطور هذه التقنية عبر السنين، إنخفضت تكلفتها و لكنها لا تزال تحتاج إلى تطوير لتتمكن من الإنتاج الجمعي Mass Production بكفاءة عالية. 



٣- Roadie



هذا هو اسم تطبيق الجوال الذي شُبه في أمريكا بأوبر uber البضائع. هو ليس تقنية بحد ذاته بل هو نموذج عمل Business Model جديد يعتمد بشكل كبير على التقنية. فكرة التطبيق قريبة من أوبر و كريم لكن Roadie يختلف في أنه ينقل بضائع بدلاً من ركاب. فلو كان لديك مجموعة من أشرطة الفيديو و تريد أن تنقلها من نيويورك إلى نيوجيرسي، كل ما عليك فعله هو دخول البرنامج و انشاء ما يسمى ب Gig تصف فيه تفاصيل الشحنة. يقوم البرنامج بربط معلوماتك مع مجموعة سائقين سيذهبون في رحلة خاصة من نيويورك إلى نيوجيرسي. كل سائق يعرض تسعيرته للنقل و كل ما عليك فعله هو اختيار الأنسب لك. ثم تحدد وقت تسليم الشحنة للسائق و تدفع المبلغ. يغطي Roadie قيمة الشحنة إلى ٥٠٠$ و يمكن أن تشتري تغطية تأمينية حتى ١٠,٠٠٠$ بسعر رمزي إضافي. ما يميز هذه الخدمة هو أن السائق في كل الأحوال سيذهب في رحلته بالشحنة أو بدونها، و المرسل يتمكن من إرسال شحنته في أوقات لا تتمكن شركات الطرود التقليدية من استقبالها كالإجازات الرسمية و عطل نهاية الاسبوع، بالإضافة إلى ضمان المرسل وصول شحنته بسرعة بسعر منافس لشركات شحن الطرود التقليدية و بدون تكاليف تغليف و تكاليف بريدية. الفرد ليس هو المستفيد الوحيد من هذه الخدمة، بل كذلك أصحاب المحال و المؤسسات الصغيرة يمكنهم الاعتماد على التطبيق في لوجستيات منتجاتهم لتخفيض تكاليفهم التشغيلية. فبذلك ينافس Roadie في سوق شحن الطرود مقدما حلول في سلسلة الإمداد للأفراد و للمؤسسات الصغيرة. التطبيق حالياً يعمل في الولايات المتحدة فقط.

2 comments: